على شاطئ النهاية....؟؟
في فيلم جميل حمل عنوان »يوم خرجت السمكة من الماء« كان البحث عن سلاح دمار شامل سقط من طائرة أطلسية فوق هضاب أوروبا, ووسط الحياة الصاخبة على شاطىء يعج بالحياة والخوف.. أجاب أحد شخصيات الفيلم عن سؤال لصديقه قائلا: يمكن أن تسقط القنابل في أي مكان في العالم عدا اسبانيا..?!
لماذا..?!
فقط لأنهم في اسبانيا.. وبشكل طبيعي وبغض النظر عن أي حساب علمي, يجب أن يكون مكانهم آخر مكان يتعرض للكارثة.. ويوم أفاقوا -إن كانوا قد أفاقوا- من فصل الحب والجنس على ذاك الشاطىء كانت الأسماك تغطي سطح الماء بعد أن نفقت كلها, لأن السلاح الذي يبحثون عنه قد سقط فعلا حيث هم.
مازالت تلك الطائرات تجوب أجواء العالم.. ومازالت تحمل إنذار الخراب والدمار.. ومازلنا على الشواطىء, كل يحسب أن السكين بعيدة عن رقبته وتتحدى رقبة أخرى..
وبالتالي هو ليس متفرجا وفقط, بل يحمل سكينا تستجيب لحساباته البائسة أن ثمة شاة تقاد إلى المسلخ.. والمسلخ كبير.. كبير.. أكبر حتى من الحلم الذي حلمنا به يوما لوطننا بل »لأوطاننا« بكل أسف. وكل منا المستعصم بالله في بغداده.. يحلم أن يتركوا له بغداد..?!
هكذا نقف على شواطىء بلداننا, على شواطىء الفكر والعلم والمعرفة والمبادرة.. لننتخب أبطالا ندفع بهم إلى المسلخ ومستعدون لشحذ السكاكين.. وقد سقطت بغداد وسقط المستعصم, وهولاكو يغسل ماء الفرات بأحبار الكتب.. ولكل منا بغداده..
هكذا نحسبها بدقة -يا للدقة- فتصبح الخيانة بطولة.. والخونة عباقرة, وتصبح الألسنة, آلات قذرة تتطهر بلا ماء, بلا صابون, والشاطر من يوصل يده إلى خابية العسل فيشفط منها إن كان بقي ما يشفطه.. والدنيا تزدهر على أفكار المحتالين النصابين الفاسدين.. وننام على حلم أن القنابل لن تسقط في »اسبانيا«..
هكذا نقف على الشواطىء ونطلق -في أحسن الأحوال- صيحة إنذار من القادم المجهول.. والقادم قد حل بيننا ولم يعد مجهولا.. وهذا الهرج والمرج.. هذه الشطارة المتدفقة على الرؤوس.. وهذه اللغة المثقوبة المستفيضة على الألسنة.. وإسقاط كل حسابات الوطنية والقومية والأممية لمصلحة هبات »الديمقراطية« الأميركية وحتى الأوروبية التي تطرحنا كونتونات طائفية وأثنية, هذه كلها هي منعكس لما تحسبه قادما وقد حل بيننا..
إنه الشرق الأوسط الجديد.. تتالى فصوله كما صممته, بالصواريخ وسبطانات المدافع ورأس بغداد المقطوع , الدوائر الناشرة »للديمقراطية«.. مستفيدة مما تعرضنا له من ظلم ذوي القربى وجورهم وفسادهم.. ومن صغر عقولنا إذ نصدق ولو بالنسب القزمة أن ثمة من يهمهم إن كنا نعيش بديمقراطية أم لا..?!
نعم لقد جعلوا من آمالنا مشجبا علقوا عليه فسادهم وظلمهم وتخلفهم.. وسوطا فرضوا به علينا أسلوبهم وسلوكهم.. لكن..
لسنا بلا حياة وكان يمكن أن نحيا..
وآخر ما يمكن أن يكون.. أنهم جاؤوا من أجلنا..
فلتفض أكثر عبقرية المكتشفين لأوهام الكذب.. لكن.. ليحذروا حساباتهم.. فلا أحد يعلم بعد, من الشاة التي جاء دورها لدخول المسلخ.
تحياتي
بنت الوسطى